خيرالدين بارباروسا

هل تعرف من هو "بارباروسا"؟ وهل سمعت بالاسم من قبل؟ تعال معي لأعرفك على مقتطفات من حياة أحد أشهر الشخصيات التي أثرت في تاريخنا الإسلامي.

خيرالدين بارباروسا

هل سمعت من قبل بالاسم "بارباروسا"؟ إذا كنت من هواة الأفلام الأجنبية، فقد تكون قد سمعت بالاسم في أحد أفلام القراصنة مثل "Pirates of the Caribbeans". حيث يظهر بارباروسا كأحد القراصنة الأشرار الذين يرعبون ويستولون على السفن في البحار.

ولكن هل تعلم أن شخصية "بارباروسا" ليست خيالية بالكامل؟ بل هل تعلم أنها تعود لأحد أعظم البحارة العسكريين في التاريخ الإسلامي؟ نعم، فأصل هذه الشخصية يعود إلى القائد البحري العثماني "خيرالدين بربروس"... فمن هو "بارباروسا" الحقيقي؟


خيرالدين

هو "خضر بن يعقوب" ولقبه السلطان العثماني "سليمان القانوني" ب “خيرالدين باشا". أما لقب بربروس فقد أخذه عن أخيه الأكبر "عروج بن يعقوب" والذي كان لديه لحية حمراء فلقبه الأوروبيون ببربروسا وهي كلمة تتكون من شقين (barba: وتعني اللحية - rossa: وتعني الحمراء)، فلما مات عروج استخدموا نفس اللقب مع أخيه.

اختلف بعض المؤرخين في أصل عائلة "خيرالدين" وتعددت الأقوال في ذلك، إلا أن أغلب المصادر تشير إلى أنهم من أصل تركي، وذلك ما جاء في مذكرات "خيرالدين" نفسه التي يقول فيها أن والده "أبو يوسف نور الله يعقوب آغا التركي" كان أحد الفرسان الذين اشتركوا في فتح جزيرة "ميديلي" مع السلطان "محمد الفاتح".


حياة القرصنة

في سنة ٩١١هـ الموافقة لسنة ١٥٠٦م استدعى السلطان المملوكي "قنصوه الغوري" "عروج" للمثول بين يديه، وكلفه بقيادة أسطوله، فوافق "عروج" على ذلك، واتجه إلى مصر. عمل "عروج" بعد ذلك على القرصنة والإغارة على السفن الأوروبية بالبحر المتوسط وغنم منها الكثير من الغنائم والسفن.

ببربروسا كلمة إغريقية الأصل وتعني اللحية الحمراء. وكان اللقب يعود في الأصل لأخيه عروج

في شتاء سنة ٩١٨هـ الموافقة لسنة ١٥١٣م توجه "عروج" مع أخيه "خيرالدين" إلى جزيرة "جربة" بتونس. وعند حلول الربيع بدأوا غزواتهم البحرية حتى بلغوا جزيرة "سردينيا" وهناك استولوا على سفينة أحد القراصنة كان فيها مائة وخمسون أسيراً. واستولوا على سفينة كبيرة أخرى كانت محملة بالقمح، وفي الصباح التالي استولوا أيضاً على سفينتين أخريين إحداهما مشحونة بالعسل والزيتون والجبن، والأخرى سفينة "جنوية" كانت محملة بالحديد ثم رجعوا إلى تونس. كذلك تذكر بعض المراجع أن الإخوة بربروس استولوا على سفينتين تابعتين للبابا "يوليوس الثاني" وقد كانت هاتين السفينتين عملاقتان بالمقارنة بسفن الإخوة بربروس وبعد هذه الحادثة ذاع صيت الأخوين في كامل أوروبا.


بعد سقوط الأندلس

بعد سقوط الأندلس، وقيام الدول الأوروبية باحتلال أجزاء كبيرة من المدن الإسلامية الساحلية الواقعة في المنطقة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط خوفًا من عودة المسلمين الذين كانوا يحكمون الأندلس لستة قرون. ففي ظرف خمس سنوات (من سنة ٩١٠هـ/١٥٠٥م إلى سنة ٩١٥هـ/١٥١٠م) بالنسبة للجزائر فقط احتلوا "المرسى الكبير" و"وهران" و"أرزيو" و"مستغانم" و"شرشال" و"الجزائر" و"بجاية" و"عنابة".

حمل الأخوان بربروسا على عاتقهما تحرير المدن والسواحل الإسلامية من أيدي الإسبان، وتمكنوا - بمساعدة العثمانيين - من تحرير الجزائر وتونس وتوجيه العديد من الحملات البحرية إلى سواحل إيطاليا والاستيلاء على العديد من قلاعها مثل "سانت أوسيدو" و "نابولي" وأسر مئات السفن وآلاف الجنود.


مساعدة الأندلسيين

طلب السلطان "سليم الأول" من بربروس إنقاذ مسلمي الأندلس من محاكم التفتيش الإسبانية التي كانت تذيقهم الويلات، فأبحر من أقصى الشرق في تركيا إلى أقصى الغرب في الأندلس لمحاربة الجيوش الصليبية. وعند حلول ربيع سنة ٩٢٠هـ/١٥١٥م تقريبًا خرج البحارة بقيادة الإخوة بربروس إلى سواحل الأندلس ويقول "خيرالدين" في مذكراته يصف وضع المسلمين في الأندلس بعد سقوطها:

"كانت المدينة الإسلامية غرناطة قد سقطت قريبًا بيد الإسبان. كان الإسبان يقومون بمظالم كبيرة في حق المسلمين الذين كان الكثير منهم يعبدون الله في مساجد سرية قاموا ببنائها تحت الأرض. لقد دمر الإسبان وأحرقوا جميع المساجد وصاروا كلما عثروا على مسلم صائم أو قائم ألا وعرّضوه وأولاده للعذاب أو الإحراق."

خلال ذلك قام الإخوة بنقل ٧٠ ألف مسلم أندلسي في أسطول من ٣٦ سفينة، وذلك في سبع رحلات، وتوطّنوا في الجزائر وتونس.


معركة بروزة ٩١٥هـ/١٥٣٨م

كانت النشاطات التي يزاولها "خيرالدين" في البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة باسم الدولة العثمانية تثير حنق الإمبراطور الإسباني "شارلكان" أكثر من أي وقت مضى، ولم يكن الإمبراطور وحده في ذلك، بل كان بابا الفاتيكان "بولس الثالث" يسارع هو الآخر في عقد تحالفات ضد العثمانيين، حتى أنه سعى في الإصلاح بين الإمبراطور الإسباني كارلوس الخامس وملك فرنسا فرانسوا الأول.

في نهاية المطاف عقدت جميع الأطراف العزم على تجميع اساطيلها ذات التجهيزات المتفوقة من أساطيل عدد من الدول الأوروبية، وهي: جمهورية "البندقية" ودوقية "مانتوفا" والإمبراطورية الإسبانية والإمبراطورية البرتغالية والدولة البابوية وجمهورية "جنوة" وفرسان مالطا، وقد سُمي هذا التحالف "بالعصبة المقدسة". وجمعوا أكثر من ستمائة سفينة منها ثلاثمائة وثمانية سفن بحرية، ومائة وعشرون سفينة كبيرة لنقل الجنود وتجمعوا عند سواحل "بروزة" (إحدى مدن اليونان حاليا).

قام الأخوان بإنقاذ ونقل ٧٠ ألف مسلم أندلسي إلى الجزائر وتونس

تحرك "خيرالدين" على رأس أسطوله المكون من ١٢٢ سفينة إلى مدينة "بروزة" ومعه عشرون ألف جندي من رجال البحر والمدفعية.

استمرت المعركة خمس ساعات، فقد أسطول التحالف فيها ٦٠ سفينة، وسقط من قواته ٢٧٧٥ جنديًا أسيرًا في أيدي العثمانيين. ولم يفقد فيها الأسطول العثماني سوى بضعه سفن، وفقد ٨٠٠ جندي بين قتيل وأسير. وقد منعت ظلمة الليل والرياح الشديدة أي محاولة لتعقب سفن أسطول التحالف.


وفاته

بعد حياة حافلة بالجهاد والغزو توفي "خيرالدين بربروس" في عام ١٥٤٦م عن عمر يناهز (٧٤ سنة)، ودفن في تربته التي أعدها بنفسه في ساحل "بشكتاش" بإسطنبول، لتتحول سيرته بعد ذلك إلى هذا القرصان الذي أرعب سفن وأساطيل أوروبا بالكامل.

لا تنس أن تشاركنا رأيك بالتعليق والإعجاب . وأيضا، إعادة نشر المقال مع أصدقائك

ما هو رد فعلك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow